من السماء إلى الأرض "، وفيه تلويح إلى معنى قوله تعالى " ولو شئنا لرفعناه به ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ".
والتمسك بالعترة: محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم.
وقوله " إني تارك فيكم " إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يوصي الأمة بحسن المعاشرة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم، كما يوصي الأب المشفق لأولاده. ويعضده الحديث السابق في الفصل الأول " أذكركم الله في أهل بيتي "، كما يقول الأب المشفق: الله الله في حق أولادي.
ومعنى كون أحدهما أعظم من الآخر: أن القرآن مؤساة للعترة، وعليهم الاقتداء به، وهم أولى الناس بالعمل بما فيه.
ولعل السر في هذه الوصية والاقتران بالقرآن إيجاب محبتهم، لقوله تعالى " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم على سبيل الحصر، وكأنه صلى الله عليه وسلم يوصي الأمة بقيام الشكر وقيد تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران، فمن قام بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة بينهما لن يتفرقا، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردا الحوض فيشكرا صنيعه عند رسول الله، فحينئذ هو بنفسه يكافيه والله يجازيه الجزاء الأوفى، ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه بالعكس.
وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله " أنظروا كيف تخلفوني فيهما "، والنظر بمعنى التأمل والتفكر، أي تفكروا واستعملوا الرواية في استخلافي إياكم، هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء. وإن استغربت قولي لا يفارقانه في مواقف الحشر حتى يردا علي الحوض تمسكت بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأوا الزهراوين - إلى قوله - يحاجان عن صاحبهما ". إن استبعدت