والأخبار الدالة على المشهور أكثر، ومنقولة من كثير من الأصحاب، والروايات الدالة على الثاني الأصل في جلها بل كلها محمد بن مسلم (1) فلذا مال الأكثر إلى
(١) روى مضمون الحديث عاصم بن حميدوجميل بن دراج والعلاء كلهم عن محمد ابن مسلم ولفظه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وأما إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة.
وفى آخر: قال لي أبو جعفر عليه السلام: وأما إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة، وكأنه أراد المؤلف العلامة رضوان الله عليه، أن أصل الحديث واحد، فلا يعارض بها الأخبار الكثيرة الدالة على جواز الدخول في الصلاة حين ذلك.
وأقول: عندي أن أحاديث محمد بن مسلم إنما ورد في الدخول مع الجمهور في صلاتهم وقد كان محمد بن مسلم معروفا بينهم في الكوفة يتقيهم بالحضور في جماعاتهم، وينص على ذلك قوله عليه السلام: " فلا تدخل معهم " وقوله عليه السلام: " وأما إذا لم تدرك القوم ".
ومعلوم من المذهب بشهادة اخبار كثيرة أخرى أن من يصلى خلف من لا يقتدى به، عليه أن يقرء لنفسه وإذا دخل محمد بن مسلم أو غيره بعد ركوع الامام في صلاتهم، لم يمكنه القراءة لفوات محله، فاللازم عليه أن يشتغل بنفسه حتى يرفع الامام رأسه، ويقوم للركعة الأخرى، فيكبر ويقرء في نفسه كحديث النفس ثم يركع مع الامام، حتى يصح صلاته.
ويؤيد ذلك صريحا لفظ الحديث المروى عن العلاء عنه عن أبي جعفر عليه السلام قال:
" لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام ".
وذلك لأن محمد بن مسلم إنما كان يأتم بهم تقية، وأما هو في جماعة أصحابنا، فلم يكن ليتقدم عليه أحد، ومعلوم أن من يصلى خلف من لا يقتدى به، ولزمه الدخول معهم في الركوع تقية من دون أن يقرء لنفسه، لا يصح له أن يعتد بهذه الركعة لأن الصلاة خلفهم كالصلاة خلف الجدر.
بل عليه أن يركع بركوعهم ويسجد بسجودهم حتى وأما إذا قاموا للركعة الأخرى، كبر في نفسه وقرء الحمد وحده أو الحمد وسورة خفيفة ميسرة ثم يركع معهم، ويحتال في اخفاء الامر عنهم على ما ورد الامر به عن المعصومين عليهم السلام.
واما لفظ عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام فإنه قال قال عليه السلام: وأما إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصلاة " فاما أن يحمل على سائر الألفاظ بان يكون المراد ادراك التكبيرة قبل ركوع الامام مع القراءة الخفيفة، أو ادراك تكبيرة الافتتاح وهويا من زمان القراءة:
بمعنى أنه يكبر تكبيرة الاحرام ويدخل معهم في الصلاة ويريد أن يصلى ويقرء لنفسه لا أن يقتدى بهم حقيقة، ثم وأما إذا أراد أن يقرء لنفسه القراءة، لم يمهله الامام وركع، و ألزمه التقية أن يركع بركوعهم ويدع القراءة ضرورة، فحينئذ يتم صلاته، ويعتد بهذه الركعة التي كبر لها تكبيرة الاحرام، وهذا واضح بحمد الله وحسن توفيقه، والله ولى التوفيق.