وربما قيل في الثاني بأنه ظاهر في الشك، لأنه نسبه إلى الشيطان والشك يكون منه غالبا، والسهو من لوازم طبيعة الانسان وفيه نظر إذ السهو نسب في الآيات والأخبار الكثيرة إلى الشيطان كقوله تعالى " وإما ينسينك الشيطان " (1) وقوله تعالى: " وما أنسانيه إلا الشيطان " (2) وإن كان النسيان فيهما يحتمل معنى آخر، لكن مثلهما كثير، مع أن الشك إنما يحصل من النسيان، فلا فرق بينهما في أن كلا منهما يحصل من الشيطان.
بل الأصوب أن يقال: شمول لفظ السهو في تلك الأخبار للسهو المقابل للشك غير معلوم، وإن سلم كونه بحسب أصل اللغة حقيقة فيه، إذ كثرة استعماله في المعنى الآخر بلغت حدا لا يمكن فهم أحدهما منه إلا بالقرينة، وشمولها للشك معلوم بمعونة الأخبار الصريحة، فيشكل الاستدلال على المعنى الآخر بمجرد الاحتمال.
مع أن حمله عليه يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور، لو كان ظاهرا فيه، إذ لو ترك بعض الركعات أو الافعال سهوا يجب عليه الاتيان به في محله إجماعا، ولو ترك ركنا سهوا وفات محله تبطل صلاته إجماعا، ولو كان غير ركن يأتي به بعد الصلاة لو كان مما يتدارك فلم يبق للتعميم فائدة إلا في سقوط سجود السهو، وتحمل تلك التخصيصات الكثيرة أبعد من حمل السهو على خصوص الشك، لو كان بعيدا مع أن مدلول الروايات المضي في الصلاة، وهو لا ينافي وجوب سجود السهو إذ هو خارج عن الصلاة.
فظهر أن من عمم النصوص لا يحصل له في التعميم فائدة، ولذا تشبث من قال بسقوط سجود السهو بالحرج والعسر لا بتلك الأخبار.
ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا في الشك الموجب للحكم هل هو شك يترتب عليه حكم أو هو أعم منه، ليشمل ما وأما إذا شك مع ترجح أحد الطرفين أو بعد تجاوز