ولا يكون ذلك إلا بوصوله درجة اليقين، وصاحب اليقين المشاهد لمثوبات الآخرة وعقوباتها دائما، لا يجترئ على شئ من المعاصي، لا سيما الكذب الذي هو من كبائرها.
15 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الكذاب هو الذي يكذب في الشئ؟ قال:
لا، ما من أحد إلا يكون ذاك منه، ولكن المطبوع على الكذب (1).
بيان: " المطبوع على الكذب " المجبول عليه، بحيث صار عادة له ولا يتحرز عنه ولا يبالي به ولا يندم عليه، ومن لا يكون كذلك لا يصدق عليه الكذاب مطلقا فإنه صيغة مبالغة أو المراد الكذاب الذي يكتبه الله كذابا كما مر أو الكذاب الذي ينبغي أن يجتنب مواخاته كما سيأتي وفيه إيماء إلى أن الكذب مطلقا ليس من الكبائر وفي القاموس طبع على الشئ بالضم جبل.
16 - الكافي: عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسين بن طريف عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال عيسى بن مريم صلوات الله عليه: من كثر كذبه ذهب بهاؤه (2).
بيان: ذهب بهاؤه أي حسنه وجماله ووقره عند الله سبحانه وعند الخلق، فان الخلق وإن لم يكونوا من أهل الملة يكرهون الكذب ويقبحونه ويتنفرون من أهله.
17 - الكافي: [عنه] عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام، ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب مواخاة الكذاب فإنه يكذب حتى يجئ بالصدق فلا يصدق (3).
بيان: " حتى يجئ بالصدق فلا يصدق " الظاهر إنه على بناء المفعول من التفعيل أي لكثرة ما ظهر لك من كذبه لا يمكنك تصديقه فيما يأتي به من الصدق