أيضا، فلا تنتفع بمؤاخاته ومصاحبته، مع أنه جذاب لطبع الجليس إلى طبعه. ويخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون المراد به أن هذا الرجل المواخي يكذب نقلا عن الأخ الكذاب لاعتماده عليه، ثم يظهر كذب ما أخبر به حتى لا يعتمد الناس على صدقه أيضا كما ورد في الخبر كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع، وما سيأتي في البابين يؤيد المعنى الأول، وربما يقرء " يصدق " على بناء المجرد أي إذا أخبر بصدق يغيره ويدخل فيه شيئا يصير كذبا.
18 - الكافي: عنه عن ابن فضال، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن عبيد ابن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن مما أعان الله [به] على الكذابين النسيان (1).
بيان: " إن مما أعان الله على الكذابين " أي أضرهم به وفضحهم فان كثيرا ما يكذبون في خبر ثم ينسون ويخبرون بما ينافيه ويكذبه فيفتضحون بذلك عند الخاصة والعامة، قال الجوهري: في الدعاء رب أعني ولا تعن علي.
19 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب وإصلاح بين الناس، قال: قيل له: جعلت فداك ما الاصلاح بين الناس؟ قال: تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه (2).
بيان: " تسمع من الرجل كلاما " كأن " من " بمعنى " في " كما في قوله تعالى: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة " (3) أي فيه وكذا قالوا في قوله سبحانه:
" أروني ماذا خلقوا من الأرض " (4) أي في الأرض، ويحتمل أن يكون تقدير الكلام تسمع من رجل كلاما في حق رجل آخر يذمه به فيبلغ الرجل الثاني ذلك