أن لا ينعطف عليه أثره لا سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به، ولم يتمن ذكره وإظهاره، ولكن اتفق ظهوره باظهار الله إياه، ولم يكن منه إلا ما دخل من السرور والارتياح على قبله، ويدل على هذا ما سيأتي، وقد روي أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله أسر العمل لا أحب أن يطلع عليه أحد فيطلع عليه فيسرني قال: لك أجران أجر السر وأجر العلانية.
وقال الغزالي: نعم لو تم العمل على الاخلاص من غير عقد رياء، ولكن ظهرت له بعده رغبة في الاظهار فتحدث به وأظهره فهذا مخوف، وفي الاخبار والآثار ما يدل على أنه محبط، ويمكن حملها على أن هذا دليل على أن قلبه عند العبادة لم يخل عن عقد الرياء وقصده، لما أن ظهر منه التحدث به، إذ يبعد أن يكون ما يطرء بعد العمل مبطلا للثواب بل الأقيس أن يقال إنه مثاب على عمله الذي مضى ومعاقب على مراءاته بطاعة الله بعد الفراغ منها، بخلاف ما لو تغير عقده إلى الرياء قبل الفراغ فإنه مبطل.
ثم قال المحقق المذكور: وأما إذا ورد وارد الرياء قبل الفراغ من الصلاة مثلا وكان قد عقد على الاخلاص ولكن ورد في أثنائها وارد الرياء، فلا يخلو إما أن يكون مجرد سرور لا يؤثر في العمل فهو لا يبطله وإما أن يكون رياء باعثا على العمل فختم وختم به العمل فإذا كان كذلك حبط أجره.
ومثاله أن يكون في تطوع فتجددت له نظارة أو حضر ملك من الملوك وهو يشتهي أن ينظر إليه، أو يذكر شيئا نسيه من ماله، وهو يريد أن يطلبه، ولولا الناس لقطع الصلاة فاستتمها خوفا من مذمة الناس فقد حبط أجره، وعليه الإعادة إن كان في فريضة وقد قال صلى الله عليه وآله: العمل كالوعاء إذا طاب آخره طاب أوله أي النظر إلى خاتمته، وروي من رائا بعمله ساعة حبط عمله الذي كان قبله، وهو منزل على الصلاة في هذه الصورة، لا على الصدقة، ولا على القراءة، فإن كان جزء منها منفرد فما يطرء يفسد الباقي دون الماضي والصوم والحج من قبيل الصلاة.
فأما إذا كان وارد الرياء بحيث لا يمنعه من قصد الاستتمام لأجل الثواب