وفي النهاية الحنيف المائل إلى الاسلام، الثابت عليه، والحنيفية عند العرب من كان على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة انتهى.
والكذب يصدق على العمد والخطأ، لكن الظاهر أن الأتم يتبع العمد والكذب عليهم يشمل افتراء الحديث عليهم، وصرف حديثهم إلى غير مرادهم والجزم به، ونسبة فعل إليهم لا يرضون به، أو ادعاء مرتبة لهم لم يدعوها كالربوبية وخلق العالم، وعلم الغيب، أو فضلهم على الرسول صلى الله عليه وآله وأمثال ذلك أو نسبة ما يوجب النقص إليهم كفعل ينافي العصمة وأشباهه.
" ولا تطلبن أن تكون رأسا فتكون ذنبا " الفاء متفرع على الطلب وهو يحتمل وجوها:
الأول: أن يكون الذنب كناية عن الذل والهوان عند الله وعند الصالحين من عباده.
الثاني: أن يكون المراد به التأخر في الآخرة عمن طلب الرياسة عليهم وقد نبه على ذلك بتشبيه حسن وهو أن الركبان المترتبين الذاهبين في طريق إذا بدا لهم الرجوع أو اضطروا إليه يقع لضيق الطريق لا محالة المتأخر متقدما والمتقدم متأخرا، وكذا القطيع من الغنم وغيره إذا رجعوا ينعكس الترتيب.
الثالث: أن يكون المعنى تكون ذنبا وذليلا ولا يتحصل مرادك في الدنيا أيضا فان الطالب لكل مرتبة من مراتب الدنيا يصير محروما منها غالبا، والهارب من شئ منها تدركه.
الرابع: أن يكون المعنى أن الرياسة في الدنيا لأوساط الناس، لا يكون إلا بالتوسل برئيس أعلى منه إما في الحق أو في الباطل، ولما كان في غير دولة الحق لا يمكن التوسل بأهل الحق في ذلك، فلابد من التوسل بأهل الباطل فيكون ذنبا وتابعا لهم ومن أعوانهم وأنصارهم، محشورا في الآخرة معهم، لقوله تعالى: " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " (1) إلا أن يكون مأذونا من قبل إمام الحق خصوصا أو عموما، ويفعل