لا نطيعه إلا بوعد ما لا يقدر عليه فيعدها الحال تطييبا لقلبها أو يعتذر إلى انسان بالكذب وكان لا يطيب قلبه إلا بانكار ذنب وزيادة تودد فلا بأس به.
ولكن الحد فيه أن الكذب محذور. ولكن لو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور، فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر، ويزن بالميزان القسط، فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعا في الشرع من الكذب، فله الكذب وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق، وقد يتقابل الأمران بحيث يتردد فيهما، وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى، لان الكذب مباح بضرورة أو حاجة مهمة فإذا شك في كون الحاجة مهمة فالأصل التحريم فيرجع إليه.
ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي أن يحترز الانسان من الكذب ما أمكنه، وكذلك مهما كانت الحاجة له، فيستحب أن يترك أغراضه ويهجر الكذب، فأما إذا تعلق بغرض غيره. فلا يجوز المسامحة بحق الغير والاضرار به وأكثر كذب الناس إنما هو لحظوظ أنفسهم، ثم هو لزيادات المال والجاه ولأمور ليس فواتها محذورا حتى أن المرأة ليحكي من زوجها ما تتفاخر به وتكذب لأجل مراغمة الضرات وذلك حرام.
قالت أسماء: سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: إن لي ضرة وأنا أتكثر من زوجي بما لا يفعل اضارها بذلك فهل لي فيه شئ؟ فقال: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، وقال النبي صلى الله عليه وآله: من تطعم بما لم يطعم، وقال لي وليس له، وأعطيت ولم يعط، كان كلابس ثوبي زور يوم القيامة، ويدخل في هذا فتوى العالم بما لا يتحققه، ورواية الحديث الذي ليس يثبت فيه، إذ غرضه أن يظهر فضل نفسه، فهو لذلك يستنكف من أن يقول: لا أدري وهذا حرام ومما يلتحق بالنساء الصبيان فان الصبي إذا كان لا رغبة له في المكتب إلا بوعد ووعيد وتخويف، كان ذلك مباحا.
نعم، روينا في الاخبار أن ذلك يكتب كذبة، ولكن الكذب المباح أيضا