أقفالا وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من الشراب (1).
بيان: الشر في الأول صفة مشبهة وفي الثاني أفعل التفضيل، والمراد بالشراب جميع الأشربة المسكرة، وكان المراد بالأقفال الأمور المانعة من ارتكاب الشرور من العقل وما يتبعه ويستلزمه من الحياء من الله ومن الخلق والتفكر في قبحها وعقوباتها ومفاسدها الدنيوية والأخروية، والشراب يزيل العقل، وبزوالها ترتفع جميع تلك الموانع، فتفتح جميع الأقفال، وكأن المراد بالكذب الذي هو شر من الشراب، الكذب على الله وعلى حججه عليهم السلام فإنه تالي الكفر وتحليل الأشربة المحرمة ثمرة من ثمرات هذا الكذب فان المخالفين بمثل ذلك حللوها.
وقيل: الوجه فيه أن الشرور التابعة للشراب تصدر بلا شعور، بخلاف الشرور التابعة للكذب وقد يقال: الشر في الثاني أيضا صفة مشبهة و " من " تعليلة والمعنى أن الكذب أيضا شر ينشأ من الشراب، لئلا ينافي ما سيأتي في كتاب الأشربة أن شرب الخمر أكبر الكبائر.
3 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا قد روينا عن أبي جعفر عليه السلام في قول يوسف عليه السلام: " أيتها العير إنكم لسارقون " (2) فقال:
والله ما سرقوا وما كذب، وقال إبراهيم " بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون " (3) فقال: والله ما فعلوا وما كذب.
قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما عندكم فيها يا صيقل؟ قال: قلت: ما عندنا فيها إلا التسليم، قال: فقال: إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين أحب الخطر فيما بين الصفين وأحب الكذب في الاصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات، وأبغض الكذب