مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب، وسيفه في يده أي كان يخطر سيفه معه.
" إرادة الاصلاح " لعل المراد إرادة إصلاح حال قومه برجوعهم عن عبادة الأصنام، وجه الدلالة أن العاقل إذا تفكر في نسبة الكسر إليها وعلم أنه لا يصح ذلك إلا من ذي شعور عاقل قادر وعلم أن هذه الأوصاف منتفية منها وعلم أنها لا تقدر على دفع الاستخفاف والضرر من أنفسها علم أنها ليست بمستحقة للألوهية والعبادة، ويكون ذلك داعيا إلى الرجوع عنها ورفض العبادة لها.
وللعلماء فيه وجوه أخرى:
الأول: أنه من المعاريض التي يقصد بها الحق وإلزام الخصم وتبكيته فلم يكن قصده عليه السلام أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد أن يقرره لنفسه على أسلوب تعريضي مع الاستهزاء والتبكيت كما لو قال لك من لا يحسن الخط فيما كتبته بخط رشيق: أنت كتبت؟ فقلت: بل كتبته أنت، كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به لا نفيه عنك وإثباته لصاحبك الأمي والتعريض مما يجوز عقلا ونقلا لمصلحة جلب نفع أو دفع ضرر أو استهزاء في موضعه ونحوها.
الثاني: أنه عليه السلام غاظته الأصنام حين رآها مصطفة مزينة، وكان غيظ كبيرها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم وتوقيرهم له، فأسند الفعل إليه، لأنه هو السبب في استهانته وكسره لها والفعل كما يسند إلى المباشر يسند إلى السبب أيضا.
الثالث: أن ذلك حكاية لما يقود إليه مذهبهم كأنه قال: ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فان من حق من يعبد ويدعي إليه أن يقدر على أمثال هذه الأفعال لا سيما الكبير الذي يستنكف أن يعبد معه هذه الصغار.
الرابع: ما وري عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله: " بل فعله " ثم يبتدئ " كبيرهم هذا " أي فعله من فعله وهذا من باب التورية إذ له ظاهر وباطن، وباطنه ما ذكر، وظاهره إسناد الفعل إلى الكبير، وفهمهم تعلق به ومراده عليه السلام