وكأن تفسير المساكين هنا بالأنبياء والأوصياء عليهم السلام أظهر، وقد ورد في بعض الأخبار تفسيره بهم عليهم السلام فان المسكنة والخضوع والخشوع، والتوسل بجناب الحق سبحانه، والاعراض عن غيره، قال في النهاية: قد تكرر في الحديث ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة، واستكان إذا خضع، والمسكنة فقر النفس وتمسكن إذا تشبه بالمساكين، وهو جمع المسكين، وهو الذي لا شئ له، وقيل: هو الذي له بعض الشئ، وقد تقع المسكنة على الضعف، ومنه حديث قيلة صدقت المسكنة أراد الضعف ولم يرد الفقر وفيه: اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين: أراد به التواضع والاخبات وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين وفيه أنه قال للمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع، وهو تمفعل من السكون.
16 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر المساكين طيبوا نفسا، وأعطوا الله الرضا من قلوبكم، يثبكم الله عز وجل على فقركم: فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم (1).
بيان: " نفسا " تميز، ويدل على أن الثواب إنما هو على الرضا بالفقر لا على أصل الفقر، وحمل على أصول المتكلمين وهي أن الثواب هو الجزاء الدائم في الآخرة، وهو لا يكون إلا على الفعل الاختياري، وأما ما يعطيه الله على الآلام التي يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره، فإنما هو الجزاء المنقطع في الدنيا أو في الآخرة أيضا، على قول بعضهم، حيث جوزوا أن يكون انقطاعها على وجه لا يشعر به، فلا يصير سببا لالمه، ومنهم من جوز كون العوض دائما في الآخرة.
قال العلامة قدس الله روحه في الباب الحادي عشر: السادسة في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض الآلام الصادرة عنه، ومعنى العوض هو النفع المستحق الخالي