علم الملكين لمصاحبتهما له وعلمهما بأحواله، بناء على عدم تبدلهما في كل يوم كما هو ظاهر أكثر الاخبار، وأما تأخر علمه فلانه ما لم يتم الكلام لا يعلم يقينا صدور الكذب منه.
10 - الكافي: عن علي بن الحكم (عن أبان) عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الكذاب يهلك بالبينات ويهلك أتباعه بالشبهات (1).
بيان: أريد بالكذاب في هذا الحديث إما مدعي الرياسة بغير حق، وسبب هلاكه بالبينات إفتاؤه بغير علم مع علمه بجهله، وسبب إهلاك أتباعه بالشبهات تجويز كونه عالما وعدم قطعهم بجهله، فهم في شبهة من أمره أو من يضع الحديث ويبتدع في الدين فهو يهلك نفسه بأمر يعلم كذبه، وأتباعه يهلكون بالشبهة والجهالة لحسن ظنهم به، واحتمالهم صدقه، والوجهان متقاربان.
11 - الكافي: عن محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن آية الكذاب بأن يخبرك خبر السماء والأرض والمشرق والمغرب، فإذا سألته عن حرام الله وحلاله لم يكن عنده شئ (2).
بيان: " بأن يخبرك " كأن الباء زائدة أو التقدير تعلم بأن يخبرك وإنما كان هذا آية الكذاب لأنه لو كان علمه بالوحي والالهام لكان أحرى بأن يعلم الحلال والحرام، لان الحكيم العلام يفيض على الأنام ما هم أحوج إليه من الحقائق والاحكام، وكذا لو كان بالوراثة عن الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ولو كان بالكشف فعلى تقدير إمكان حصوله لغير الحجج عليهم السلام فالعلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه لا يحصل لاحد إلا بالتقوى وتهذيب السر من رذائل الأخلاق. قال الله تعالى:
" واتقوا الله ويعلمكم الله " (3) ولا يحصل التقوى إلا بالاقتصار على الحلال