ويعني النوم أو يقول لهم غدا يأتينا مدد، وقد أعد قوما من عسكره ليأتوا في صورة المدد، أو يعني بالمدد الطعام، فهذا نوع من الخدع الجايزة والمعاريض المباحة.
وقال القرطبي: لعل ما استند في منعه التصريح بقاعدة حرمة الكذب وتأويله الأحاديث بحملها على المعاريض ما يعضده دليل، وأما الكذب ليمنع مظلوما من الظلم عليه فلم يختلف فيه أحد من الأمم لا عرب ولا عجم ومن الكذب الذي يجوز بين الزوجين الاخبار بالمحبة والاغتباط، وإن كان كذبا لما فيه من الاصلاح ودوام الألفة.
6 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن محمد بن مالك، عن عبد الاعلى مولى آل سام قال:
حدثني أبو عبد الله عليه السلام بحديث فقلت له: جعلت فداك أليس زعمت لي الساعة كذا وكذا؟ فقال: لا، فعظم ذلك علي فقلت: بلى والله زعمت، فقال: لا والله ما زعمته، قال: فعظم علي فقلت: بلى والله قد قلته، قال: نعم قد قلته أما عملت أن كل زعم في القرآن كذب (1).
بيان: في القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد، وأكثر ما يقال فيما يشك فيه والزعمي الكذاب والصادق، وزعمتني كذا ظننتني والتزعم التكذب وأمر مزعم كمقعد، لا يوثق به، وفي النهاية فيه أنه ذكر أيوب عليه السلام فقال: إذا كان مر برجلين يتزاعمان وقال الزمخشري: معناه أنهما يتحادثان بالزعمات وهي ما لا يوثق به من الأحاديث، ومنه الحديث بئس مطية الرجل زعموا، معناه ان الرجل إذا أراد المسير إلى بلد والظعن في حاجة ركب مطية حتى يقضي إربه، فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله: زعموا كذا وكذا، بالمطية التي يتوسل بها إلى الحاجة، وإنما يقال: زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه، وإنما يحكي عن الألسن على البلاغ فذم من الحديث ما هذا سبيله، والزعم بالضم والفتح قريب من الظن.