لعل المراد الرغبة في الطاعة لا في الثواب، والرهبة من المعصية لا من العقاب، لارتفاع مقام الأنبياء عن ذلك، وقد يقال: إن أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنة وصرف النار، لان حبيبهم يحب ذلك، أو يقال: إن جنة الأولياء لقاء الله وقربه، ونارهم فراقه وبعده، وفي الكافي عن الصادق عليه السلام الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء (1) " وكانوا لنا خاشعين " أي مخبتين أو دائمين الوجل.
" وبشر المخبتين " (2) قال علي بن إبراهيم: أي العابدين " وجلت قلوبهم " هيبة منه لاشراق أشعة جلاله عليها " على ما أصابهم " من المصائب " والمقيمي الصلاة " في أوقاتها " ينفقون " في وجوه الخير " واعبدوا ربكم " (3) بسائر ما تعبدكم به " وافعلوا الخير " أي وتحروا ما هو خير وأصلح فيما تأتون وتذرون، كنوافل الطاعات، وصلة الأرحام، ومكارم الأخلاق " وجاهدوا في الله " الأعداء الظاهرة والباطنة " هو اجتباكم " أي اختاركم لدينه ولنصرته، وعن الباقر عليه السلام إيانا عنى، ونحن المجتبون (4) " من قبل " أي في الكتب التي مضت " وفي هذا " أي القرآن " واعتصموا بالله " أي وثقوا به في مجامع أموركم " هو موليكم " أي ناصركم ومتولي أموركم " فنعم المولى ونعم النصير " هو، إذ لا مثل له في الولاية والنصرة، بل لا مولى ولا نصير سواه في الحقيقة.
" ومن يطع الله ورسوله " (5) فيما يأمرانه أو في الفرائض والسنن " ويخشى الله " فيما صدر عنه من الذنوب " ويتقه " فيما بقي من عمره، وقرأ حفص بسكون القاف فشبه تقه بكتف فخفف " فأولئك هم الفائزون " بالنعيم المقيم " فأولئك