يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء " السائحون " الصائمون " الراكعون الساجدون " الذين يواظبون على الصلوات الخمس، الحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها، والخشوع فيها وفي أوقاتها " الآمرون بالمعروف " بعد ذلك والعاملون به " والناهون عن المنكر " والمنتهون عنه، قال: فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة الخبر (1).
وأقول: إنما فسر السياحة بالصيام لقول النبي صلى الله عليه وآله: سياحة أمتي الصيام شبه بها لأنه يعوق عن الشهوات أو لأنه رياضة نفسانية يتوصل بها إلى الاطلاع على خفايا الملك والملكوت، وقيل: السائحون للجهاد أو لطلب العلم، وقيل في قوله: " والناهون " العاطف فيه للدلالة على أنه بما عطف عليه في حكم خصلة واحدة كأنه قال: الجامعون بين الوصفين وفي قوله: " والحافظون لحدود الله " أي فيما بينه وعينه من الحقائق والشرائع، للتنبيه على أن ما قبله مفصل الفضائل، وهذا مجملها، وقيل: إنه للايذان بأن التعداد قد تم بالسابع من حيث أن السبعة هو العدد التام، والثامن ابتداء تعداد آخر معطوف عليه، ولذلك سمي واو الثمانية.
" وبشر المؤمنين " قيل: يعني به هؤلاء الموصوفين بتلك الفضائل ووضع المؤمنين موضع ضميرهم للتنبيه على أن إيمانهم دعاهم إلى ذلك وأن المؤمن الكامل من كان كذلك، وحذف المبشر به للتعظيم كأنه قيل: وبشرهم بما يجل عن إحاطة الافهام وتعبير الكلام.
" إلا الذين صبروا " (2) أي في الشدة على الضراء إيمانا بالله واستسلاما لقضائه " وعملوا الصالحات " في الرخاء شكرا لآلائه سابقها ولاحقها " وأخبتوا إلى ربهم " (3) أي اطمئنوا إليه وخشعوا له. " مثل الفريقين " أي الكافر والمؤمن