الايمان في الجملة، والكامل ما يكون مشتملا على جميع الأجزاء وهو الايمان حقيقة والناقص التام ما لم يكن فيه سوى العقائد الحقة، والدرجات المتوسطة تختلف باعتبار كثرة أجزاء الايمان وقلتها، فالمؤمن حقيقة هو الفرد الأول و إطلاقه على البواقي على التوسع لانتفاء الكل بانتفاء أحد الاجزاء، ولكل منهما شواهد لفظا ومعنى، فتأمل، فلما عسر فهمه على السائل لألفته بمصطلحات المتكلمين أعاد السؤال لمزيد التوضيح.
قوله عليه السلام " به يعقل ويفقه ويفهم " قيل: العقل العلم بالقضايا الضرورية، و الفقه ترتيبها لانتاج القضايا النظرية، والفهم العلم بالنتيجة أقول: ويحتمل أن يكون العقل معرفة الأصول العقلية، والفقه العلم بالأحكام الشرعية، والفهم معرفة سائر الأمور المتعلقة بالمعاش وغيره، والمراد بالقلب النفس الناطقة سميت به لتعلقها أولا بالروح الحيواني المنبعث منه، أو القلب الصنوبري من حيث تعلق النفس به، وقيل: محل الادراك هذا الشكل الصنوبري عملا بظواهر الآيات والاخبار، وسيأتي تحقيقه في محله إنشاء الله.
قال الراغب في المفردات: قال بعض الحكماء حيث ما ذكر الله القلب فإشارة إلى العقل والعلم، نحو " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " (1) وحيث ما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب و نحوها، وقوله " رب اشرح لي صدري " (2) فسؤال لاصلاح قواه، وكذا قوله " ويشف صدور قوم مؤمنين " (3) إشارة إلى إشفائهم، وقوله " ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (4) أي العقول التي هي مندرجة بين سائر القوى وليست بمهتدية والله أعلم بذلك (5) وقال قلب الانسان قيل سمي به لكثرة تقلبه، ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك فقوله