ولما كان ما في الكافي أجمع وأصح اكتفينا به، وفي الكافي أيضا كان فرقة على بابين (1) فجمعتهما لاتصالهما معنى، واتصال سندهما، ورواه الشيخ الجليل جعفر ابن محمد بن قولويه، عن سعد بن عبد الله باسناده، عن الصادق عليه السلام، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيما ذكر من أنواع آيات القرآن بأدنى تفاوت، وسيأتي مثله برواية النعماني أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام فهذا المضمون مستفيض مؤيد بأخبار أخر أيضا.
قوله عليه السلام " الايمان بالله " هو مبتدأ و " أعلى " خبره، ويحتمل أن يكون المراد به جميع العقائد الايمانية اكتفى بذكر أشرفها وأعظمها للزومها لسائرها مع أن كون التوحيد أشرف لا ينافي وجوب البقية، واشتراطه بها والسنا الضوء وبالمد الرفعة، والحظ النصيب والمراد بالقول التصديق القلبي أو هو مع الاقرار اللساني بالعقائد الايمانية وقيل: هو الذي يعبر عنه بالكلام النفسي، وقد يستدل بقوله: " عمل كله " على أن التصديق المكلف به ليس محض العلم إذ هو من قبيل الانفعال بل هو فعل قلبي.
قال شارح المقاصد: والمذهب أنه غير العلم والمعرفة، لان من الكفار من كان يعرف الحق ولا يصدق به عنادا واستكبارا قال الله تعالى: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون " (2) وقال: " وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " (3) وقال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام لفرعون: " ولقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض " (4) فاحتيج إلى الفرق بين العلم بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وهو معرفته، وبين التصديق، ليصح كون الأول حاصلا للمعاندين دون الثاني، وكون الثاني إيمانا دون الأول، فاقتصر بعضهم على أن ضد التصديق هو الانكار والتكذيب، وضد المعرفة النكارة والجهالة، وإليه أشار الغزالي حيث فسر التصديق بالتسليم، فإنه لا يكون مع الانكار والاستكبار، بخلاف