يسمى ذكرا " ألا بذكر الله " الخ هذا حث للعباد على تسكين القلب إلى ما وعد الله به من النعيم والثواب انتهى (1) وكأن استدلاله عليه السلام بالآية مبني على أن المراد بذكر الله العقائد الايمانية، والدلائل المفضية إليها إذ بها تطمئن القلب من الشك والاضطراب ويؤيده قوله في الآية السابقة " وقلبه مطمئن بالايمان ".
قوله " الذين آمنوا بأفواههم " كأنه نقل لمضمون الآية إن لم يكن من النساخ أو الرواة، وفي المائدة هكذا: " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " وفي رواية النعماني " الذين قالوا آمنا بأفواههم " (2) وهو أظهر.
قوله سبحانه " إن تبدوا ما في أنفسكم " (3) قال الطبرسي رحمه الله: أي تظهروها وتعلنوها من الطاعة والمعصية، أو العقائد " أو تخفوه " أي تكتموه " يحاسبكم به الله " أي يعلم الله ذلك فيجازيكم عليه، وقيل: معناه إن تظهروا الشهادة أو تكتموها وأن الله يعلم ذلك ويجازيكم به عن ابن عباس وجماعة، وقيل: إنها عامة في الاحكام التي تقدم ذكرها في السورة، خوفهم الله تعالى من العمل بخلافها.
وقال قوم: إن هذه الآية منسوخة بقوله " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (4) ورووا في ذلك خبرا ضعيفا، وهذا لا يصح لان تكليف ما ليس في الوسع غير جائز، فكيف ينسخ وإنما المراد بالآية ما يتناوله الأمر والنهي من الاعتقادات والإرادات وغير ذلك مما هو مستور عنا، وأما مالا يدخل في التكليف من الوساوس والهواجس مما لا يمكن التحفظ عنه من الخواطر فخارج عنه لدلالة العقل، و لقوله عليه السلام " يعفى لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها " وعلى هذا يجوز أن تكون الآية الثانية بينت الأولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجه المراد، وظن أن ما يخطر بالبال أو تتحدث به النفس مما لا يتعلق بالتكليف، فان الله يؤاخذ به، والامر بخلاف ذلك " فيغفر لمن يشاء " منهم رحمة وتفضلا " ويعذب من