وفي المجمع في تفسير أهل البيت عليهم السلام فيما طعموا من الحلال " إذا ما اتقوا - إلى - المحسنين " قال علي بن إبراهيم: لما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين والأنصار: يا رسول الله قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سماه الله رجسا وجعلها من عمل الشيطان؟ وقد قلت ما قلت أفيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله هذه الآية فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر، والجناح هو الاثم وهو على من شربها بعد التحريم، وقيل فيما طعموا: أي مما لم يحرم عليهم " إذا ما اتقوا " أي المحرم " وآمنوا وعملوا الصالحات " أي ثبتوا على الايمان والأعمال الصالحة " ثم اتقوا " أي ما حرم عليهم بعد كالخمر " وآمنوا " بتحريمه " ثم اتقوا " أي استمروا وثبتوا على اتقاء المعاصي " وأحسنوا " أي وتحروا الأعمال الجميلة فاشتغلوا بها.
قيل: لما كان لكل من الايمان والتقوى درجات ومنازل، كما ورد عنهم عليهم السلام لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات والمنازل فان أوائل درجات الايمان تصديقات مشوبة بالشبه والشكوك على اختلاف مراتبها، ويمكن معها الشرك كما قال سبحانه: " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (1) ويعبر عنها بالاسلام كما قال الله عز وجل: " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " (2) والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى العام، وأواسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا شبهة كما قال الله عز وجل:
" الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا " (3) وأكثر إطلاق الايمان عليها خاصة كما قال: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " (4) والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى