نكاح الزانيات أو حرم الزنا على المؤمنين، فلا يتزوج بهن ولا يطأهن إلا زان أو مشرك انتهى (1).
ثم المشهور بين الأصحاب كراهة نكاح المشهورات بالزنا وذهب الشيخان وجماعة إلى اشتراط التوبة في الحل سواء زنا بها من أراد نكاحها أو غيره للآية المتقدمة، وبعض الأخبار، وأجيب عن الآية تارة بأن المراد بالنكاح الوطي وأخرى بأنها منسوخة بقوله تعالى " وأنكحوا الأيامى منكم " (2) وبقوله " فانكحوا ما طاب لكم " (3) أو قوله " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (4) وفي الأول أنه خلاف الظاهر، فإنه إن أريد الوطي لم يظهر للكلام فائدة ظاهرة، وفي الثاني أنه خلاف الأصل، مع أن الظاهر من " طاب " حل ومن " وراء ذلكم " سائر أصناف النساء ولا ينافيه عروض الحرمة لعروض زنا ونحوه.
والظاهر أنه عليه السلام استدل بالآية على أن الله تعالى أخرج الزناة والزواني في هذه الآية من عداد المؤمنين، حيث قابل بين المؤمنين وبينهما إذ الظاهر من سياق الآية أن المراد أنه لا يليق نكاح الزاني إلا بزانية أو مشركة، ولا نكاح الزانية إلا بزان أو مشرك وأما المؤمن فإنه لا يليق به هذا الفعل وهو محرم عليه إما بمعناه أو بمعنى الكراهة الشديدة أو بمعنى المحرومية كما في قوله سبحانه " وحرمنا عليه المراضع (5) فظهر أنه لم يسمهما بالايمان، لما عرفت من المقابلة مع أنه جمع بينهما وبين المشرك والمشركة، ففيه أيضا إيماء بعدم إيمانهما.
وهذا وجه حسن خطر بالبال للآية والخبر معا، فان حمل الآية على وجه آخر لا يستقيم ظاهرا فإنه إذا حمل النكاح على الوطي، فالكلام إما في قوة النهي أو الخبر، فعلى الأول المعنى النهي عن أن يطأ الزاني سوى الزانية والمشركة، وجواز وطيه لهما وفيه مالا يخفى، وكذا العكس، وعلى الثاني يكون كذبا إن أراد