فإذا أقلع رجع إليه الايمان وكل هذا محمول على المجاز ونفي الكمال، دون الحقيقة في رفع الايمان وإبطاله انتهى.
وقيل: إنه ليس بمؤمن إذا كان مستحلا، وقيل: ليس بمؤمن من العقاب وقيل: المقصود نفي المدح أي لا يقال له مؤمن بل يقال: زان أو سارق، وقيل: إنه لنفي البصيرة أي ليس هو ذا بصيرة، وقال ابن عباس: أي ليس ذا نور، وقيل: أي ليس بمستحضر الايمان، وقيل: أي ليس بعاقل، لان المعصية مع استحضار العقوبة مرجوحة، والحكم بالمرجوح بخلاف العقول، وقيل: المقصود نفي الحياء والحياء شعبة من الايمان، أي ليس بمستحي من الله سبحانه، ولا يخفى ما في أكثر هذه الوجوه من البعد والركاكة.
" وأنزل بالمدينة " أي في سورة النور أيضا " والذين يرمون المحصنات " (1) أي يقذفون العفائف من النساء بالزنا " ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " أي بأربعة عدول يشهدون أنهم رأوهن يفعلن ما رموهن به من الزنا " فاجلدوهم ثمانين جلدة " خبر الذين بتأويل " ولا تقبلوا لهم شهادة " خبر ثان، وتنكير شهادة للعموم أي في أي أمر من الأمور كان " أبدا " تأكيد للعموم أي ما لم يتب " وأولئك هم الفاسقون " أي هم في أعلا مراتب الفسق حتى كأنه لا فاسق غيرهم، فقد عبر عنهم باسم الإشارة وعرف الخبر وأتى بضمير الفصل مبالغة في ادعاء حصر الفسق فيهم، وقصره عليهم، قيل: ويمكن أن يكون حالا أو اعتراضا يجري مجرى التعليل لعدم قبول الشهادة " إلا الذين تابوا " عن القذف وندموا ورجعوا بالتدارك " من بعد ذلك " أي من بعد إقامة الحد وقيل: من بعد الرمي، " وأصلحوا " سرائرهم وأعمالهم فاستقاموا على مقتضى التوبة، قالوا: ومنه الاستسلام للحد، والاستحلال من المقذوف، والعزم على عدم العود إلى ذلك، وعلى ترك جميع المناهي على قول، وفي المجمع: ومن شرط توبة القاذف أن يكذب نفسه فيما قاله، فإن لم يفعل ذلك لم يجز قبول شهادته (2)