منه، وهو مولع بأكل الحيات يطلبها حيث وجدها وربما لسعته فتسيل دموعه إلى نقرتين تحت محاجر عينيه، يدخل الإصبع فيها فتجمد تلك الدموع فتصير كالشمع فيتخذ درياقا لسم الحيات وهو البادزهر الحيواني، وأجوده الأصفر، وأماكنه بلاد السند والهند، وفارس، وإذا وضع على لسع الحيات والعقارب نفعها، وإن أمسكه شارب السم في فيه نفعه، وله في دفع السموم خاصية عجيبة، وهذا الحيوان لا تنبت له قرون إلا بعد مضي سنتين من عمره، فإذا نبت قرناه نبتا مستقيمين كالوتدين وفي الثالثة يتشعب (1)، ولا تزال التشعب في زيادة إلى تمام ست سنين، فحينئذ يكونان كشجرتين في رأسه ثم بعد ذلك يلقي قرنيه في كل سنة مرة ثم ينبتان، فإذا نبتا تعرض بها للشمس ليصلبا والأيل في نفسه جبان دائم الرعب، وهو يأكل الحيات أكلا ذريعا، وإذا أكل الحيات بدأ بأكل ذنبها إلى رأسها وهو يلقي قرونه في كل سنة، وذلك إلهام من الله تعالى لما للناس فيها من المنفعة، لان الناس يطردون بقرنه كل دابة سوء وييسر عسر الولادة وينفع الحوامل ويخرج الدود من البطن إذا أحرق جزء منه ولعق بالعسل.
وقال أرسطو: إن هذا النوع يصاد بالصفير والغناء ولا ينام ما دام يسمع ذلك، فالصيادون يشغلونه بذلك ويأتونه من ورائه فإذا رأوه قد استرخت أذناه أخذوه، وذكره من عصب لا لحم ولا عظم وقرنه مصمت لا تجويف فيه، ويسمن هذا الحيوان سمنا كثيرا، فإذا اتفق له ذلك هرب خوفا من أن يصاد، وإن الأيايل تأكل الأفاعي في الصيف فتحمى وتلتهب لحرارتها فتطلب الماء فإذا رأته امتنعت من شر به وحامت عليه تتنسمه (2) لأنها لو شربته في تلك الحالة فصادف الماء السم الذي في أجوافها هلكت، فلا تزال تمتنع من شرب الماء حتى يطول بها الزمان فيذهب ثوران السم ثم تشربه فلا يضرها، وإذا بخر بقرنه طرد الهوام وكل ذي سم وإذا أحرق