كالنبات مالهم زارع، ولا لاختلاف صورهم مانع، ولم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا ولا تحقيق لما أوعوا، وهل يكون بناء من غير بان، أو جناية من غير جان وإن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها حدقتين قمراوين وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل لها الحس القوي. ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، يرهبها الزارع في زرعهم ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم حتى ترد الحرث في نزواتها، وتقضي منه شهواتها، وخلقها كله لا يكون أصبعا مستدقة.
فتبارك الله الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها ويعفر له (1) خدا ووجها، ويلقي بالطاعة إليه سلما وضعفا، ويعطي له القياد رهبة وخوفا فالطير مسخرة لامره، أحصى عدد الريش منها والنفس، وأرسى قوائمها على الندى واليبس، قدر أقواتها، وأحصى أجناسها، فهذا غراب وهذا عقاب، وهذا حمام وهذا نعام، دعا كل طير باسمه، وتكفل برزقه (2)، وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها وعدد قسمها، فبل الأرض بعد جفوفها، وأخرج نبتها بعد جدوبها (3).
تبيين، التفكير: إعمال النظر في الشئ، يقال: فكر فيه كضرب، وفكر بالتشديد وأفكر وتفكر بمعنى، والجسيم: العظيم، والحريق اسم من الاحتراق والبصائر جمع البصيرة وهي والبصر بالتحريك: العلم والخبرة، وفي بعض النسخ:
الابصار موضع البصائر، والدخل بالتحريك: ما داخلك من فساد في عقل أو جسم والعيب والريبة، يقال: هذا الامر فيه دخل ودغل بمعنى، وقد دخل كفرح، ودخل على البناء للمفعول، والاحكام: الاتقان، وركبه تركيبا أي وضع بعضه على بعض فتركب، وفلق كضرب أي شق فانفلق، ومنه " فالق الحب والنوى " (4) واستوى