مالا يحصى عددا، فلما عاين نمرود (1) ذلك انفرد عن جيشه ودخل بيته وأغلق الباب وأرخى الستور ونام على قفاه مفكرا فدخلت بعوضة في أنفه فصعدت إلى دماغه فتعذب (2) بها أربعين يوما إلى أن كان يضرب برأسه الأرض، وكان أعز الناس عنده من يضرب رأسه، ثم سقط منه كالفرخ وهو يقول: كذلك يسلط الله رسله على من يشاء من عباده ثم هلك حينئذ.
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام: قال نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارفق بصاحبي فإنه مؤمن قال:
إني بكل مؤمن رفيق، وما من أهل بيت إلا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات، ولو أنى أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت حتى يكون من الله الامر بقبضها. قال جعفر بن محمد: بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلاة ومن هذا يعلم أن ملك الموت هو الموكل بقبض كل روح (3) والبعوضة على صغر جرمها قد أودع الله تعالى في مقدم دماغها قوة الحفظ، و في وسطه قوة الفكر، وفي مؤخره قوة الذكر، وخلق لها حاسة البصر وحاسة اللمس وحاسة الشم، وخلق لها منفذا للغذاء ومخرجا للفضلة، وخلق لها جوفا وأمعاء و عظاما، فسبحان من قدر فهدى ولم يخلق شيئا من المخلوقات سدى (4).