الخيلاء لان الفرس كان له خيلاء في نفسه وكذلك الفارس، ولذلك يقال: ما ركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة، وفي كلام للعجم: " إن الرستاقي إذا ركب الفرس نسي الله " والحديث مقصور على مدح الأفراس للغناء الذي جعله الله فيها، و لولا الخيل ما فتحت مدينة ولا يغلب على بلد من بلاد الكفار، وبها استنجد النبي صلى الله عليه وآله وصحابته من بعده فيما تيسر لهم من الاستيلاء وفتح البلاد ونشر دعوة الاسلام فيها، ولولا تقويهم بها لما تيسر لهم ذلك ولا تمشى لهم أمر، ثم إنها من أخص آلات الجهاد وأمر العدد لأعداء الاسلام.
وذكر النواصي مجاز، وإنما اختصها بالذكر لأنها من أول ما يستقبلك منها ويقال: " أرى في ناصية فلان خيرا " وبالعكس، وروي عن وهب ابن منبه قال: في بعض الكتب: لما أراد الله أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب: إني خالق منك خلقا أجعله عزا لأوليائي، وإجلالا لأهل طاعتي، فقبض قبضة من ريح الجنوب فخلق منها فرسا، وقال: سميتك فرسا وجعلتك عربيا، الخير معقود بناصيتك، والغنم محوز على ظهرك، وجعلتك تطير بلا جناح، فأنت للطلب وأنت للهرب.
وروي أن تميما الداري كان ينقي شعيرا لفرسه وهو أمير على بيت المقدس فقيل له: لو كلفت هذا غيرك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من نقى شعيرا لفرسه ثم قام به حتى يعلفه عليه كتب الله له بكل شعيرة حسنة.
وعن أنس بن مالك رفعه: رباط يوم في سبيل الله خير من عبادة الرجل في أهله ثلاثمائة وستين يوما، كل يوم ألف سنة.
ولم تزل العرب مكرمة لخيولها على ما تنطق به أشعارهم كما قال:
تجاع لها العيال ولا تجاع وكما قال:
وما تستوي والورد ساعة تفزع إلى غير ذلك مما يطول تعداده، وكان من سنتهم في الجاهلية أن يتمشى القبيلة إلى القبيلة في ثلاثة أشياء: إذا ولد لهم غلام شريف، أو نتج مهر جواد، أو