قال أبو عبيد: فهذا هو القول عندي، وإنما الجانب الوحشي الأيمن لان الخائف إنما يفر من موضع المخافة إلى موضع الامن (1).
توضيح: قال الزمخشري في الفائق: " سئل عن الإبل فقال: أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية ولا تدبر إلا مولية ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم " الأعنان:
النواحي جمع عنن وعن، يقال: أخذنا كل عن وسن وفن، اخذ من " عن " كما اخذ العرض من " عرض " وفي الحديث: " إنهم كرهوا الصلاة في أعطان الإبل لأنها خلقت من أعنان الشياطين قال الجاحظ: يزعم بعض الناس أن الإبل لكثرة آفاتها أن من شأنها إذا أقبلت أن يتعقب إقبالها الادبار، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء ومستأصلا، ولا يأتي نفعها يعني منفعة الركوب والحلب إلا من جانبها الذي ديدن العرب أن يتشأموا به وهو جانب الشمال، ومن ثم سموا الشمال شؤمى، قال:
فانحى على شؤمى يديه فذادها فهي إذا للفتنة مظنة، وللشياطين مجال متسع، حيث تسببت أولا إلى إغراء المالكين (2) على إخلالهم بشكر النعمة العظيمة فيها، فلما زواها عنهم لكفرانهم أغرتهم أيضا على إغفال ما لزمهم من حق جميل الصبر على المرزئة بها، وسولت لهم في الجانب الذي يستملون منه نعمتي الركوب والحلب أنه الجانب الأشأم وهو في الحقيقة الأيمن والابرك، وقال أيضا، قيل: أي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي أموالنا، أفضل؟ قال: الحرث، وقيل: يا رسول الله فالإبل؟ قال: تلك عناجيح الشياطين.
العنجوج من الخيل والإبل: الطويل العنق، فعلول من عنجه: إذا عطفه لأنه يعطف عنقه لطولها في كل جهة ويلويها ليا، وراكبه يعجنها إليه بالعنان الزمام، يريد أنها مطايا الشياطين، ومنه قوله: إن على ذروة كل بعير شيطانا "