بالتنكيل به غيره، وشرد به من خلفه، فقال ابن عباس: يا ابن النابغة ضل والله عقلك، وسفه حلمك، ونطق الشيطان على لسانك، هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلى النزال وتكافح الابطال (1) وكثرت الجراح وتقصفت الرماح؟
وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فانكفأ (2) نحوك بالسيف حاملا، فلما رأيت الكر آثر من الفر وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحت (3) رجاء النجاة عورتك، وكشفت له خوف بأسه سوأتك، حذر أن (4) يصطلمك بسطوته، أو يلتهمك بحملته، ثم أشرت إلى معاوية (5) كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعريض (6) لمكافحته، رجاء أن تكفي (7) مؤونته وتعدم صولته (8) فعلم غل صدرك وما ألحت عليه من النفاق أصلعك (9) وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف عضب لسانك (10) واقمع عوراء لفظك. فإنك لمن أسد خادر وبحر زاخر إن برزت (11) للأسد افترسك وإن عمت في البحر قمسك (12).
فقال مروان بن الحكم: يا ابن عباس إنك لتصرف بنابك وتوري نارك، كأنك ترجو الغلبة وتؤمل العافية. ولولا حلم أمير المؤمنين عنكم لناولكم (13)