رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا (1) صبرا على البلاء، لا يخيمون (2) عن اللقاء فلعركوك (3) بكلاكلهم، ووطؤوك بمناسمهم، وأوجروك مشق رماحهم وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم حتى تشهد بسوء ما آتيت، وتتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية (4) وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما، وساعيا في اختلافهما بعد ائتلافهما، حيث لا يضرهما التباسك (5) ولا يغني عنهما إيناسك.
فقال عبد الرحمن بن أم الحكم: لله در ابن ملجم، فقد بلغ الاجل (6) و أمن الوجل، وأحد الشفرة وألان المهرة وأدرك الثار ونفى العار، وفاز بالمنزلة العلياء ورقا الدرجة القصوى، فقال ابن عباس: أما والله لقد كرع (7) كأس حتفه بيده، وعجل الله إلى النار بروحه، ولو أبدى لأمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القطم والسيف الخذم، ولألعقه صابا (8) وسقاه سماما، وألحقه بالوليد وعتبة و حنظلة، فكلهم كان أشد منه شكيمة وأمضى عزيمة، ففرى بالسيف هامهم ورملهم بدمائهم، وفرى الذئاب أشلاءهم (9) وفرق بينهم وبين أحبائهم، أولئك حصب جهنم هم لها واردون، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟ ولا غرو إن ختل ولا وصمة إن قتل فإنا لكما قال دريد بن الصمة شعر: