إذ قال الآذن: قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فقال عمرو: والله لأسوأنه اليوم، فقال معاوية: لا تفعل يا با عبد الله فإنك لا تنصف (1) منه، ولعلك أن تظهر لنا من مغبته (2) ما هو خفي عنا وما لا يجب (3) أن نعلمه منه، وغشيهم (4) عبد الله بن جعفر، فأدناه معاوية وقربه، فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي عليه السلام جهارا غير ساتر له، وثلبه ثلبا (5) قبيحا، فالتمع لون عبد الله بن جعفر واعتراه أفكل (6) حتى أرعدت خصائله، ثم نزل عن السرير كالفنيق، فقال له عمرو: مه يا با جعفر، فقال له عبد الله: مه لا أم لك، ثم قال:
أظن الحلم ذل علي قومي * وقد يتجهل الرجل الحليم ثم حسر عن ذراعيه وقال: يا معاوية حتام نتجرع غيظك؟ وإلى كم الصبر على مكروه قولك وسيئ أدبك وذميم أخلاقك؟ هبلتك الهبول وأما يزجرك ذمام (7) المجالسة عن القدع لجليسك إذا لم يكن له حرمة من دينك ينهاك (8) عما لا يجوز لك، أما والله لو عطفتك أواصر الأحلام أو حاميت على سهمك من الاسلام ما أرعيت بني الإماء المتك والعبيد السك أعراض قومك، وما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجزة، وإنك لتعرف في رشاء قريش صفوة غرائرها، فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطائك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين عليه السلام إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه، فاقصد لمنهج (9) الحق فقد طال عماك (10) عن