ابن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن أم الحكم: إنه قد طال العهد لعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه، ولقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه، فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته، ونقف على كنه معرفته، ونعرف ما صرف عنا من شبا حده، وزوى (1) عنا من دهاء رأيه، فربما وصف المرء بغير ما هو فيه، وأعطي من النعت والاسم مالا يستحقه، ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس، فلما دخل واستقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال: يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما؟ فقال: أما والله لو فعل لقرن عمروا بصعبة من الإبل يوجع كتفيه مراسها (2) ولأذهلت عقله وأجرضته بريقه، وقدحت في سويداء قلبه، فلم يبرم أمرا ولم ينقض رأيا (3) إلا كنت منه بمرأى و مسمع، فإن نكبه أدمت قواه (4) وإن أدمه قصمت عراه بعضب (5) مصقول لا يفل حده وأصالة رأي كمناخ الاجل لا ورز منه (6) أصدع به أديمه، وأفل (7) به شبا حده وأستجد به عزائم المتقين (8) وأزيح به شبه الشاكين (9).
فقال عمرو بن العاص: هذا والله يا أمير المؤمنين نجوم أول الشر وأفول آخر الخير، وفي حسمه قطع مادته، فبادره بالجملة (10) وانتهز منه الفرصة، واردع