انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول: وسأل السيد مهنا بن سنان العلامة الحلي نور الله ضريحه عن مثل ذلك في أمير المؤمنين عليه السلام فأجاب بأنه يحتمل أن يكون عليه السلام أخبر بوقوع القتل في تلك الليلة، ولم يعلم في أي وقت من تلك الليلة أو أي مكان يقتل، وأن تكليفه عليه السلام مغاير لتكليفنا، فجاز أن يكون بذل مهجته الشريفة في ذات الله تعالى، كما يجب على المجاهد الثبات، وإن كان ثباته يفضي إلى القتل.
تذييل: رأينا في بعض الكتب القديمة رواية في كيفية شهادته عليه السلام أوردنا منه شيئا مما يناسب كتابنا هذا على وجه الاختصار، قال: روى أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد البكري، عن لوط بن يحيى، عن أشياخه وأسلافه قالوا: لما توفي عثمان وبايع الناس أمير المؤمنين عليه السلام كان رجل يقال له حبيب بن المنتجب واليا على بعض أطراف اليمن من قبل عثمان، فأقره علي عليه السلام على عمله، وكتب إليه كتابا يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى حبيب ابن المنتجب، سلام عليك، أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، واصلي على محمد عبده ورسوله، وبعد فإني وليتك ما كنت عليه لمن كان من قبل، فأمسك (1) على عملك، وإني أوصيك بالعدل في رعيتك، والاحسان إلى أهل مملكتك، واعلم أن من ولي علي رقاب عشرة من المسلمين ولم يعدل بينهم حشره الله يوم القيامة و يداه مغلولتان إلى عنقه، لا يفكها إلا عدله في دار الدنيا، فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقرأه على من قبلك من أهل اليمن، وخذ لي البيعة على من حضرك من المسلمين فإذا بايع القوم مثل بيعة الرضوان فامكث في عملك، وأنفذ إلي منهم عشرة يكونون من عقلائهم وفصحائهم وثقاتهم، ممن يكون أشدهم عونا من أهل الفهم والشجاعة