قال: نعم يا راشد وأنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد فدعاه إلى البراءة منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟ قال: خبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لأكذبن صاحبك، قدموه واقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا، فقلت له: يا أبت جعلت فداك هل تجد لما أصابك ألما؟ قال: لا والله يا بنية إلا كالزحام بين الناس، ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له فقال:
آتوني (1) بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين عليه السلام فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فبلغ ذلك ابن زياد، فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات من ليلته تلك، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه راشد المبتلى، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل ويقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الامر كما قاله راشد رحمه الله (2).
2 - التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن العرزمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان لعلي عليه السلام غلام اسمه قنبر، وكان يحب عليا حبا شديدا، فإذا خرج علي عليه السلام خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: يا قنبر مالك؟ قال: جئت لامشي خلفك، فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين، فخفت عليك، قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟ قال: لا بل من أهل الأرض، قال: إن أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئا إلا بإذن الله عز وجل من السماء فارجع فرجع (3).