وكان يقال: إن في قريش أربعة يتحاكم إليهم في علم النسب وأيام قريش ويرجع إلى قولهم: عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل الزهري، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي، وحويطب بن عبد العزى العامري، واختلف الناس فيه هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين عليه السلام حي؟ فقال قوم (1) ورووا أن معاوية قال يوما وعقيل عنده: هذا أبو يزيد لولا علمه أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه، فقال عقيل: أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنيا، وأسأل الله خاتمة خير. وقال قوم: إنه لم يفد إلى معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام و استدلوا على ذلك بالكتاب الذي كتبه إليه في آخر خلافته والجواب الذي أجابه عليه السلام به وقد ذكرناه فيما تقدم، وسيأتي ذكره أيضا في باب كتبه عليه السلام، وهذا القول هو الأظهر عندي.
وروى المدائني قال: قال معاوية يوما لعقيل بن أبي طالب: هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال: نعم، جارية عرضت علي وأبى أصحابها أن يبيعوها إلا بأربعين ألفا، فأحب معاوية أن يمازحه، قال: وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا وأنت أعمى؟ تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهما: قال: أرجو أن أطأها فتلد لي غلاما إذا أغضبته يضرب عنقك! فضحك معاوية وقال: مازحناك يا بايزيد، وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما رحمه الله، فلما أتت على مسلم ثماني عشرة سنة وقد مات عقيل أبوه قال لمعاوية: يا أمير المؤمنين إن لي أرضا بمكان كذا من المدينة، و إني أعطيت بها مائة ألف، وقد أحببت أن أبيعك إياها، فادفع إلي ثمنها، فأمر معاوية بقبض الأرض ودفع الثمن إليه، فبلغ ذلك الحسين عليه السلام فكتب إلى معاوية:
أما بعد فإنك اغتررت (2) غلاما من بني هاشم فابتعت منه أرضا لا يملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه واردد علينا أرضنا، فبعث معاوية إلى مسلم فأخبره ذلك وأقرأه