إليهم، أما لو شئت لقتلتهم ولكني أنظرهم كما أنظر الله عز وجل إبليس إلى الوقت المعلوم، إن الذي ترونه بصاحبكم ليس لعجز ولا دل؟؟، ولكنه محنة من الله عز وجل لينظر كيف تعملون، ولئن طعنتم على علي فلقد طعن الكافرون والمنافقون قبلكم على رسول رب العالمين، فقالوا: إن من طاف ملكوت السماوات والجنان في ليلة ورجع كيف يحتاج إلى أن يهرب ويدخل الغار ويأتي إلى المدينة من مكة في أحد عشر يوما؟ وإنما هو من الله إذا شاء أراكم القدرة لتعرفوا صدق أنبياء الله، وإذا شاء امتحنكم بما تكرهون لينظر كيف تعملون، وليظهر حجته عليكم (1).
9 - تفسير الإمام العسكري: قال علي بن الحسين صلوات الله عليه: كان جد بن قيس تالي عبد الله في النفاق، كما أن عليا عليه السلام كان تالي رسول الله صلى الله عليه وآله في الكمال والجلال والجمال وتفرد جد مع عبد الله بن أبي بعد ما سم الرسول صلى الله عليه وآله ولم يؤثر فيه، فقال له:
إن محمدا صلى الله عليه وآله ماهر في السحر وليس علي كمثله، فاتخذ أنت يا جد لعلي دعوة بعد أن تتقدم في تنبيش أصل حائط بستانك، ثم توقف رجالا خلف الحائط بخشب يعتمدون بها على الحائط ويدفعونه على علي ومن معه ليموتوا تحته، فجلس علي عليه السلام تحت الحائط فتلقاه بيساره وأوقفه، وكان الطعام بين أيديهم، فقال عليه السلام:
كلوا بسم الله، وجعل يأكل معهم حتى أكلوا وفرغوا، وهو يمسك الحائط بشماله والحائط ثلاثون ذراعا طوله في خمسة عشر سمكة (2) في ذراعين غلظة، فجعل أصحاب علي عليه السلام يأكلون وهم يقولون: يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله أفتحامي هذا وأنت تأكل؟
فإنك تتعب في حبسك هذا الحائط عنا، فقال علي عليه السلام: إني لست أجد له من المس بيساري إلا أقل مما أجد من ثقل هذه اللقمة بيميني، وهرب جد بن قيس، وخشي أن يكون علي قد مات وصحبه، وإن محمدا يطلبه لينتقم منه، واختفى عند عبد الله بن أبي، فبلغهم أن عليا عليه السلام قد أمسك الحائط بيساره وهو يأكل بيمينه وأصحابه تحت الحائط لم يموتوا، فقال: أبو الشرور وأبو الدواهي اللذان أصل التدبير في ذلك: إن عليا قد مهر بسحر محمد فلا سبيل لنا عليه، فلما فرغ القوم أقام