الله صلى الله عليه وآله: بلى محمد رسول الله شاهده بإشهاد الله تعالى له، ويشاهده من أمته أطوعهم لله عز وجل وأشدهم جدا في طاعة الله عز وجل وأفضلهم في دين الله عز وجل، فقالوا:
بينه يا رسول الله، وكل منهم يتمنى أن يكون هو، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعوه يكن ممن شاء الله، فليس الجلالة في المراتب عند الله عز وجل بالتمني ولا بالتظني ولا بالاقتراح، ولكنه فضل من الله عز وجل على من يشاء يوفقه للأعمال الصالحة يكرمه بها، فيبلغه أفضل الدرجات وأفضل المراتب، إن الله تعالى سيكرم بذلك من يريكموه في غد، فجدوا في الأعمال الصالحة، فمن وفقه الله لما يوجب عظيم كرامته عليه فلله عليه في ذلك الفضل العظيم.
قال عليه السلام: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وغص مجلسه بأهله وقد جد بالأمس كل من خيارهم في خيار عمله وإحسانه إلى ربه قدمه يرجو أن يكون هو ذلك الخير الأفضل، فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله من هذا عرفناه بصفته إن لم تنص لنا على اسمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا الجامع للمكارم، الحاوي للفضائل، المشتمل على الجميل، قاض عن أخيه دينا مجحفا إلى غريم سغب (1) غاضب لله تعالى، قاتل لغضبه ذاك عدو الله، مستحي من مؤمن معرضا عنه بخجلة، مكايدا (2) في ذلك الشيطان الرجيم حتى أخزاه الله عنه ووقى بنفسه نفس عبد الله مؤمن حتى أنقذه من الهلكة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيكم قضى البارحة ألف درهم وسبعمائة درهم؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي فحدث إخوانك المؤمنين كيف كانت قصته أصدقك لتصديق الله إياك، فهذا الروح الأمين أخبرني عن الله تعالى أنه قد هذبك عن القبيح كله، ونزهك عن المساوي بأجمعها وخصك بالفضائل من أشرفها (3) وأفضلها، لا يتهمك إلا من كفر به وأخطأ حظ نفسه.