بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدره، ولعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه منكم، ولئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك، فقال ابن عباس:
وإنك لتقول ذلك يا عدو الله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أنتاجه (1)؟! أما والله لو طلب معاوية ثاره لأخذك به، ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره، وأما قولك لي: " إنك لتصرف بنابك وتوري نارك " فسل معاوية وعمروا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات، وصدق جلادنا عند المصاولة، وصبرنا على اللاواء والمطاولة (2) ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة، ومباشرتنا بنحورنا حد الأسنة هل خمنا (3) عن كرائم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتالف؟ وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود، وإنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك، فأربع على ظلعك، ولا تعرض (4) لما ليس لك، فإنك كالمغرور في صفقة (5) لا يهبط برجل ولا يرقى بيد.
فقال زياد: يا ابن عباس إني لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوفود معك على أمير المؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما، وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما (6) وأيم الله لو وليتهما لأدأبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين أنفسهما، ويقل (7) بمكانهما لبثهما، فقال ابن عباس: إذا والله يقصر دونهما باعك، ويضيق بهما ذراعك، ولو