تعالى في هلاكهم، وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام، أحدهما عتبة بن أبي لهب والآخر أبو العاص بن الربيع، فلما بعث صلى الله عليه وآله فرق بينهما وبين ابنتيه (1).
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الشافي: فأما الحنفية فلم يكن سبية على الحقيقة ولم يستبحها عليه السلام بالسبي لأنها بالاسلام قد صارت حرة مالكة أمرها، فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها النكاح (2) وفي أصحابنا من يذهب إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار وقهروا ولم يتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم جاز له أن يطأ سبيهم، ويجري أحكامهم مع الغلبة والقهر مجرى أحكام المحقين فيما يرجع إلى المحكوم عليه وإن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقبا آثما وأما تزويجه بنته فلم يكن ذلك عن اختيار، ثم ذكر رحمه الله الأخبار السابقة الدالة على الاضطرار، ثم قال: على أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يجوزه عليه السلام لأنه كان على ظاهر الاسلام والتمسك بشرائعه وإظهار الاسلام، وهذا حكم يرجع إلى الشرع فيه، وليس مما يخاطره (3) العقول، وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله تعالى مناكحة المرتدين على اختلاف ردتهم، وكان يجوز أيضا أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى، كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ننكح فيهم، وهذا إذا كان في العقول سائغا فالمرجع في تحليله وتحريمه إلى الشريعة، وفعل أمير المؤمنين عليه السلام حجة عندنا في الشرع، فلنا أن نجعل ما فعله أصلا في جواز مناكحة من ذكروه وليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى وعباد الأوثان، لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز (4) وإن سألوا عنه في الشرع فالاجماع يحظره