إذ دخل عليه نفر من أصحابه منهم أبو موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود و أنس بن مالك وأبو هريرة والمغيرة بن شعبة وحذيفة بن اليمان وغيرهم فقالوا:
يا أمير المؤمنين أرنا شيئا من معجزاتك التي خصك الله بها، فقال عليه السلام: ما أنتم و ذلك وما سؤالكم عما لا ترضون به؟ والله تعالى يقول: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني إني لا أعذب أحدا من خلقي إلا بحجة وبرهان وعلم وبيان، لان رحمتي سبقت غضبي، وكتبت الرحمة علي، فأنا الراحم الرحيم وأنا الودود العلي، وأنا المنان العظيم، وأنا العزيز الكريم، فإذا أرسلت رسولا أعطيته برهانا وأنزلت عليه كتابا. فمن آمن بي وبرسولي فأولئك هم المفلحون الفائزون، ومن كفر بي وبرسولي فأولئك هم الخاسرون الذين استحقوا عذابي، فقالوا: يا أمير المؤمنين نحن آمنا بالله وبرسوله وتوكلنا عليه، فقال علي عليه السلام: اللهم اشهد على ما يقولون وأنا العليم الخبير بما يفعلون.
ثم قال عليه السلام: قوموا على اسم الله وبركاته، قال فقمنا معه حتى أتى بالجبانة ولم يكن في ذلك الموضع ماء، قال: فنظرنا فإذا روضة خضراء ذات ماء، وإذا في الروضة غدران (1) وفي الغدران حيتان، فقلنا: والله إنها لدلالة الإمامة فأرنا غيرها يا أمير المؤمنين وإلا قد أدركنا بعض ما أردنا، فقال عليه السلام: " حسبي الله ونعم الوكيل " ثم أشار بيده العليا نحو الجبانة فإذا قصور كثيرة مكللة بالدر والياقوت والجواهر وأبوابها من الزبرجد الأخضر، وإذا في القصور حور وغلمان وأنهار وأشجار وطيور ونبات كثيرة، فبقينا متحيرين متعجبين، وإذا وصائف وجواري وولدان وغلمان كاللؤلؤ المكنون، فقالوا: يا أمير المؤمنين لقد اشتد شوقنا إليك وإلى شيعتك و أوليائك فأومأ إليهم بالسكوت، ثم ركض الأرض برجله فانفلقت الأرض عن منبر من ياقوت أحمر فارتقى إليه، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال:
غمضوا أعينكم، فغمضنا أعيننا، فسمعنا حفيف أجنحة الملائكة بالتسبيح والتهليل