يصلي بالغري إذ أقبل رجلان معهما تابوت على ناقة فحطا التابوت (1) وأقبلا إليه، فسلما عليه فقال: من أين أقبلتما قالا: من اليمن، قال: وما هذه الجنازة؟ قالا: كان لنا أب شيخ كبير، فلما أدركته الوفاة أوصى إلينا أن نحمله وندفنه في الغري، فقلنا يا أبانا إنه موضع شاسع بعيد عن بلدنا، وما الذي تريد بذلك؟ فقال: إنه سيدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله أكبر الله أكبر أنا والله ذلك الرجل، ثم قام فصلى عليه، ودفناه ومضيا من حيث أقبلا.
22 - وقال: حكي عن زيد النساج قال: كان لي جار وهو شيخ كبير عليه آثار النسك والصلاح، وكان يدخل إلى بيته ويعتزل عن الناس، ولا يخرج إلا يوم الجمعة، قال زيد النساج: فمضيت يوم الجمعة إلى زيارة زين العابدين فدخلت إلى مشهده، وإذا أنا بالشيخ الذي هو جاري قد أخذ من البئر ماء وهو يريد أن يغتسل غسل الجمعة والزيارة، فلما نزع ثيابه وإذا في ظهره ضربة عظيمة فتحتها أكثر من شبر، وهي تسيل قيحا ومدة، فاشمأز قلبي منها، فحانت منه التفاته، فرآني فخجل، فقال لي: أنت زيد النساج؟ فقلت: نعم، فقال لي: يا بني عاوني على غسلي، فقلت: لا والله لا أعاونك حتى تخبرني بقصة هذه الضربة التي بين كتفيك ومن كف من خرجت وأي شئ كان سببها؟ فقال لي: يا زيد أخبرك بها بشرط أن لا تحدث بها أحدا من الناس إلا بعد موتي، فقلت: لك ذلك، فقال:
عاوني على غسلي فإذا لبست أطماري (2) حدثتك بقصتي، قال زيد: فساعدته فاغتسل ولبس ثيابه وجلس في الشمس وجلست إلى جانبه، وقلت له: حدثني يرحمك الله، فقال لي: