قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: روى أنس بن عياض المدني قال: حدثني جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام أن عليا عليه السلام كان يوما يؤم الناس وهو يجهر بالقراءة، فجهر ابن الكواء من خلفه " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " (1) فلما جهر ابن الكواء من خلفه بها سكت علي عليه السلام، فلما أنهاها ابن الكواء عاد علي عليه السلام ليتم قراءته، فلما شرع علي عليه السلام في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك (2) فسكت علي عليه السلام فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرء ذاك مرارا، حتى قرأ علي عليه السلام " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (3) " فسكت ابن الكواء وعاد علي عليه السلام إلى قراءته (4).
وقال في موضع آخر: أم محمد بن أبي بكر أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر ابن أبي طالب، وهاجرت معه إلى الحبشة فولدت له هناك عبد الله بن جعفر الجواد ثم قتل عنها يوم مؤتة، فخلف عليها أبو بكر فأولدها محمدا، ثم مات عنها، فخلف عليها علي بن أبي طالب عليه السلام وكان محمد ربيبه وخريجه وجاريا عنده مجرى أولاده، و رضيع الولاء والتشيع مذ زمن الصبا، فنشأ عليه، فلم يكن يعرف أبا غير علي عليه السلام ولا يعتقد لاحد فضيلة غيره، حتى قال عليه السلام: محمد ابني من صلب أبي بكر، وكان يكنى أبا القاسم في قول ابن قتيبة، وقال غيره: بل كان يكنى أبا عبد الرحمن، و كان من نساك قريش، وكان ممن أعان في يوم الدار (5) واختلف هل باشر قتل عثمان أولا ومن ولد محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز (6) وفاضلها، ومن