لكم مذ بات (1) بالبغضاء عنكم، ولا رضيت اليوم منكم ما سخطت الأمس من أفعالكم وإن بذل الأيام يستقضي ما صدعنا ويسترجع (2) ما ابتز منا كيلا بكيل و وزنا بوزن، وإن تكن الأخرى فكفى بالله وليا لنا ووكيلا على المعتدين علينا.
فقال معاوية: إن في نفسي منكم لحرارات (3) بني هاشم، وإن الخليق أن (4) أدرك فيكم الثار وأنفي العار! فإن دمائنا قبلكم وظلامتنا فيكم، فقال ابن عباس والله إن رمت ذلك يا معاوية لتثيرن عليك أسدا مخدرة وأفاعي مطرقة، لا يفثأها (5) كثرة السلاح ولا يقصها (6) نكاية الجراح، يضعون أسيافهم على عواتقهم، يضربون قدما قدما من ناواهم، يهون عليهم نباح الكلاب وعواء الذئاب، لا يفاقون بوتر ولا يسبقون إلى كر، ثم ذكر: (7) قد وطنوا على الموت أنفسهم، وسمت بهم إلى العلياء هممهم، كما قالت الأزدية:
قوم إذا شهدوا الهياج فلا * ضرب ينهنههم ولا زجر (8) وكأنهم آساد غينة غرست (9) * وبل متونها القطر فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير للهرب فرسك، وكان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك! ولولا طغام من أهل الشام وقوك بأنفسهم وبذلوا دونك مهجهم حتى إذا ذاقوا وخز الشفار وأيقنوا بحلول الدمار (10) رفعوا المصاحف مستجيرين