ليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة، والله ما كذبتم ولا كذبتم (1) ولو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب لي أولها، و إني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا، قالت: وليس في أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال له: أنا أكفنك يا عم في ردائي هذا وفي ثوبين معي في عيبتي من غزل أمي، فقال أبو ذر: أنت تكفنني، فمات فكفنه الأنصاري وغسله في النفر الذين (2) حضروه وقاموا عليه، ودفنوه في نفر كلهم يمان.
قال أبو عمر بن عبد البر قبل أن يروي هذا الحديث في أول باب جندب: كان النفر الذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن الأبرد (3) هو حجر بن عدي الذي قتله معاوية، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها وأما الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة. وقرئ كتاب الاستيعاب على شيخنا عبد الوهاب بن سكينة المحدث وأنا حاضر، فلما انتهى القارئ إلى هذا الخبر قال استادي عمر بن عبد الله الدباس - وكان يحضر (4) معه سماع الحديث -: لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى والمفيد إلا بعض ما كان حجر والأشتر يعتقدانه في عثمان ومن تقدمه، فأشار الشيخ إليه بالسكوت فسكت.
وقد ذكرنا آثار الأشتر ومقاماته بصفين فيما سبق، والأشتر هو الذي عانق عبد الله بن الزبير يوم الجمل فاصطرعا على ظهر فرسيهما حتى وقعا إلى الأرض (5) فجعل عبد الله يصرخ من تحته: اقتلوني ومالكا، فلم يعلم من الذي يعنيه لشدة