عارفين بالله، عالمين بأديانهم، وما لهم وما عليهم، وأجودهم رأيا، وعليك وعليهم السلام.
وطوى الكتاب وختمه وأرسله مع أعرابي، فلما وصل إليه قبله ووضعه على عينيه ورأسه، فلما قرأه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد و آله ثم قال: أيها الناس اعلموا أن عثمان قد قضى نحبه، وقد بايع الناس من بعده العبد الصالح والامام الناصح أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وخليفته، وهو أحق بالخلافة وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمه، وكاشف الكرب عن وجهه، وزوج ابنته و وصيه، وأبو سبطيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فما تقولون في بيعته و الدخول في طاعته؟ قال: فضج الناس بالبكاء والنحيب، وقالوا: سمعا وطاعة وحبا وكرامة لله ولرسوله ولأخي رسوله، فأخذ له البيعة عليهم عامة، فلما بايعوا قال لهم: أريد منكم عشرة من رؤسائكم وشجعانكم أنفذهم إليه كما أمرني به، فقالوا: سمعا وطاعة، فاختار منهم مائة ثم من المائة سبعين، ثم من السبعين ثلاثين، ثم من الثلاثين عشرة فيهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله، وخرجوا من ساعتهم، فلما أتوه عليه السلام سلموا عليه وهنؤوه بالخلافة، فرد عليهم السلام و رحب بهم، فتقدم ابن ملجم وقام بين يديه وقال: السلام عليك أيها الإمام العادل والبدر التمام، والليث الهمام، والبطل الضرغام، والفارس القمقام، ومن فضله الله على سائر الأنام، صلى الله عليك وعلى آلك الكرام، أشهد أنك أمير المؤمنين صدقا وحقا، وأنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده، ووارث علمه، لعن الله من جحد حقك ومقامك، أصبحت أميرها وعميدها، لقد اشتهر بين البرية عدلك، وهطلت شآبيب (1) فضلك وسحائب رحمتك ورأفتك عليهم، ولقد أنهضنا الأمير إليك، فسررنا بالقدوم عليك، فبوركت بهذه الطلعة المرضية، وهنئت بالخلافة في الرعية.
ففتح أمير المؤمنين عليه السلام عينيه في وجهه، ونظر إلى الوفد فقربهم وأدناهم