إلى يدي علي وهي على فم الزق وقنبر يقلب العسل فيه ثم شده وجعل يبكي و يقول: اللهم اغفر للحسين فإنه لم يعلم.
فقال معاوية ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده، هلم حديث الحديدة، قال: نعم، أقويت (1) وأصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تند صفاته (2) فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم، فقال: ائتني عشية لأدفع إليك شيئا، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي ثم قال: ألا فدونك، فأهويت حريصا قد غلبني الجشع (3) أظنها صرة، فوضعت يدي على حديد تلتهب نارا، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور (4) الثور تحت جازره، فقال لي: ثكلتك أمك هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا فكيف بك وبي غدا أن سلكنا في سلاسل جهنم؟ ثم قرأ " إذ الأغلال في أعناقهم و السلاسل يسحبون " (5) ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك، فجعل معاوية يتعجب ويقول: هيهات عقمت النساء أن تلد بمثله (6).
أقول: روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن قتادة أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية بن أبي سفيان وقد قدم المدينة وهي عجوز كبيرة فلما رآها معاوية قال: مرحبا بك يا خالة كيف كنت بعدي؟ قالت: كيف أنت يا ابن أختي؟ لقد كفرت النعمة وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسميت بغير اسمك