على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة، ولحق بمكة وترك عليا، وكان مبلغه ألفي ألف درهم، فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله في عمله وقدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه؟ اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم، واقبضني إليك غير عاجز ولا ملول.
قال الكشي: شيخ (1) من اليمامة يذكر عن معلى بن هلال عن الشعبي قال:
لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز كتب إليه علي بن أبي طالب عليه السلام: من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن عباس، أما بعد فإني قد كنت أشركتك في أمانتي ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي ومؤازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو عليه قد حرب وأمانة الناس قد عزت (2) وهذه الأمور قد فشت قلبت لابن عمك ظهر المجن (3) وفارقته مع المفارقين وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين، فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد أمة محمد صلى الله عليه وآله على دنياهم، وتنوي غر؟؟، فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد صلى الله عليه وآله أسرعت الوثبة، وعجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة (4) كأنك - لا أبا لك - إنما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك. سبحان الله أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف من سوء الحساب؟ أو ما يكبر عليك أن تشتري الإماء وتنكح