واما الدواء العملي فإنه يعود نفسه اخفاء العبادات ويغلق دونها الأبواب كما يفعل بالفواحش ويقنع باطلاع الله وعلمه، ولا ينازع نفسه إلى طلب علم غير الله فلا دواء انجح من ذلك.
وكان عيسى عليه السلام يقول للحواريين: إذا صام صوما أحدكم فليدهن رأسه ولحيته ويمسح شفتيه بالزيت لئلا يرى الناس انه صائم، وإذا أعطى بيمينه فليخف عن شماله، وإذا صلى فليرخ ستر بابه، فان الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان في ظل العرش (1) ثلاثة يظلهم الله بظله يوم لاظل الا ظله:
رجلان تحابا في الله وافترقا عليه، ورجل تصدق بيمينه صدقة فأخفاها عن شماله، ورجل دعته امرأة ذات جمال فقال: انى أخاف الله رب العالمين.
وروى حفص بن البختري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول. حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال لكميل بن زياد النخعي: تبذل ولا تشهر (تشتهر)، ووار شخصك ولا تذكر، وتعلم واعمل، واسكت تسلم، تسر الأبرار وتغيظ الفجار، ولا عليك إذا عرفك الله دينه ان لا تعرف الناس ولا يعرفونك.
تذنيب وإذا أسررت العمل وأخفيته، وعرفت خلوصه لله سبحانه فلا تفشه فيما بعد وتقول: انه لم يقع الا مخلصا، وقد كتب في ديوان الحسنات وجعل في الكفات الراجحات، فتعلنه بعد ذلك ويقل همك ومجاهدتك على كتمانه، بل تحقق ان اذاعتك له فيما بعد كاذاعتك له في ابتداء عملك، فإياك إياك ان تضيع ما تعبت فيه وكدحت له، وتنقله من ديوان السر إلى ديوان الجهر فان كنت باقيا على اخلاصك فيه فقد نقصت منه تسعة وتسعين ضعفا على ما روى عنهم عليهم السلام ان فضل عمل السر على عمل الجهر سبعون ضعفا.