ذلك في وجوه:
الأول ظلمه لنفسه بحمله عليها هما قد كفيته فان محمل المال ثقيل والهم به طويل، فصاحبه إن كان في الملاء شغله الفكر فيه وإن كان وحيدا ارتقه حراسته.
قال بعض العلماء: اختار الفقراء ثلاثة: اليقين وفراغ القلب وخفة الحساب، اختار الأغنياء ثلاثة: تعب النفس وشغل القلب وشدة الحساب.
الثاني شغل باطنه ببسط آماله فيه وفيما يصنع به وكيف ينميه ويحفظه من لص أو ظالم وكيف تنعم به إذ لو لم يكن له فيه امل لم يجمعه، ثم يخترمه اجله ويبطله آماله ويورث أهواله.
قال عيسى (ع): ويل لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركها ويأمنها وتغره وثيق بها وتخذله.
الثالث ان جمع مال الدنيا يولد الامل، ويورث ظلمة القلب، ويخرج حلاوة العبادة وهي من المهلكات.
قال عيسى (ع): بحق أقول لكم كما ينظر المريض إلى الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة، ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حلاوة الدنيا، وبحق أقول لكم: كما أن الدابة إذا لم تركب تمتهن (1) وتصعب وتغير خلقها كك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت ونصب العبادة تقسو وتغلظ، وبحق أقول لكم:
ان الزق إذا لم ينخرق يوشك أن يكون ودعاء العسل كك القلوب إذا لم تخرقها الشهوات أو يدنسها الطمع، أو يقسها النعم فسوف تكون أوعية الحكمة.
الرابع وقوعه في عكس مراده ومقصوده فإنما سعى وحصل المال ليستريح به فزاده في همه وتعبه، وعاد (ما) يحاذر عليه من الأسود الضارية والكلاب العاوية.
وقال بعض العلماء: استراح الفقير من ثلاثة أشياء وبلى به الغنى قيل: وما هن؟