اخرا بلفظ لا يفيد القذف في عرف القائل لم يكن قاذفا ولم يتوجه عليه عقوبة وإن كان ذلك اللفظ مفيدا للقذف في عرف غيره، فعلم أن اعراب الألفاظ في الدعا ليس شرطا في اجابته والإثابة عليه، بل هو شرط في تمامية فضيلته وكمال منزلته وعلو مرتبته.
وخرج (1) قول الجواد عليه السلام: ودعائه الله من حيث لا يلحن مخرج المدح، وذلك أن الدعا إذا لم يكن ملحونا كان ظاهر الدلالة في معناه، والألفاظ الظاهر الدلالة في معانيها أفضل من الألفاظ المتأولة ولهذا كانت الحقيقة أفضل (2) من المجاز والمبين أولى من المجمل.
وأيضا فإنه أفصح والفصاحة مرادة في الدعا وخصوصا إذا كان مقولا عن الأئمة عليهم السلام ليدل على فصاحة المنقول عنه وفيه اظهار لفضيلة المعصوم.
وأيضا فان اللفظ إذا كان معربا لم ينفر عنه طبع السامع إذا كان نحويا وإذا سمعه ملحونا نفر طبعه عنه وربما تألم منه قيل: سمع الأعمش (3) رجلا يتكلم ويلحن في كلامه فقال: من هذا الذي يتكلم وقلبي منه يتألم؟.
وروى أن رجلا قال لرجل: أتبيع هذا الثوب؟ فقال: لا عافاك الله فقال: لقد علمتم لو تعلمون قل: لا وعافاك الله.
وروى أن رجلا قال لبعض الأكابر وقد سئله عن شئ فقال: لا وأطال الله بقاك فقال:
ما رأيت واوا أحسن موقعا من هذه.
وقوله عليه السلام: ان الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله: أي لا يصعد ملحونا إليه يشهد عليه الحفظة بما يوجبه اللحن إذا كان مغيرا للمعنى، ويجازى عليه كذلك بل يجازيه على قدر قصده ومراده من دعائه.
ويؤيد ذلك ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي