على الدروب، فلا يأتي أحدهم بخبرهم، فيغتم لذلك حتى يأخذ جيرانهم، ويقول: قوم أعطيتهم الأمان وآويتهم، تعديتم عليهم؟ لأقتلن من كان بقربهم حتى يأتوا بهم أو بخبرهم وأين صاروا بأمر واضح لا شك فيه، فلا يزال أهل مملكته معذبين ما بين محبوس وخائف ومضروب... حتى يبلغ خبر الملك راهبا قد قرأ الكتب، فيقول لبعض جلسائه: إنه ما بقي في الأرض أحد يعلم هذه الكتب غيري وغير رجل من اليهود بأرض بابل... فيبلغ الملك، فيحمله من صومعته، فإذا دخل على الملك قال له الملك: أيها الرجل قد بلغني ما تقول وترى ما أنا فيه فاصدقني، فإنهم إن كانوا قتلوا قتلت بهم من كان في جوارهم شرقا وغربا ولو كان فيهم وزرائي وبطانتي، فقال الراهب: لا تعجل أيها الملك، ولا تجر على القوم، فإنهم لم يقتلوا ولم يموتوا ولا حدث بهم حدث يكرهونه، هؤلاء اختطفوا من أرض الملك إلى مكة لموافاة ملك الأمم الأعظم الذي لم تزل الأنبياء تبشر به وتخبر عنه، فقال له الملك: ويحك ومن أين لك هذا العلم وكيف أعلم بأنك صادق؟! فقال: أيها الملك إني لم أقل إلا حقا، وإن عندي ما يتوارثه عالم عن عالم آخر مذ خمسمائة عام، فقال له الملك: إن كان ما تقول حقا فأحضر الكتاب، فيوجه الملك ثقة من ثقاته، فيأتيه بالكتاب، فيقرؤونه، فإذا فيه صفات القائم وأصحابه واسمه واسم صاحبه، ومخرجهم، ثم قال: إنهم يظهرون على بلادك، فقال: ويحك لم يخبرني أحد بهذا الخبر إلى اليوم، فقال الراهب: لولا ما تخوفت أن...
ذلك من الاثم في قتل قوم براء ما أخبرته هذا الخبر حتى يراه بعينه، فقال له الملك: وترى إني أراه؟ فقال: نعم لا يحول الحول حتى تطأ خيله وسط بلادك، ويكون القوم أدلاءه إلى بلادك، قال الملك: أفلا أوجه بمن يأتيني بخبره وأكتب إليه كتابا؟ قال الراهب: أنت صاحبه الذي تسلم إليه طلبته، ولابد أن تتبعه وتموت، ويصلي عليك رجل من أصحابه).
(وأما النازلون بسرنديب والسمندر أربعة رجال من أهل فارس يجولون)