قد نصف أردانه (1)، فقال يا أمير المؤمنين ما الذي جاء بك؟ فقال: أمر عرض، وأمرني، فقصصت عليه القصة، فقال: (فبم حكمت فيها؟) قلت:
لم يحضرني فيها حكم، فأخذ بيده من الأرض شيئا، ثم قال: (الحكم فيها أهون من هذا) ثم استحضر المرأتين وأحضر قدحا ثم دفعه إلى إحداهما، فقال:
(احلبي فيه) فحلبت فيه، ثم وزن القدح ودفعه إلى الأخرى، فقال:
(احلبي فيه) فحلبت فيه، ثم وزنه، فقال لصاحبة اللبن الخفيف: (خذي ابنتك) ولصاحبة اللبن الثقيل: (خذي ابنك) ثم التفت إلى عمر فقال:
(أما علمت أن الله تعالى حط المرأة عن الرجل، فجعل عقلها وميراثها دون عقله وميراثه، وكذلك لبنها دون لبنه؟) فقال له عمر: لقد أرادك الحق يا أبا الحسن، ولكن قومك أبوا، فقال: (خفض عليك أبا حفص (إن يوم الفصل كان ميقاتا) (2) (3).
يقول علي بن موسى بن طاووس: ورأيت في كتاب (من قدمه علمه) تأليف هلال بن المحسن الصابي في حديث طويل عن بعض الكتاب وقد سئل عن هذه المسألة: أن مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام سبق إلى الجواب عنها، وذكر عن اللبن ما ذكره عليه السلام.
ومن المجموع: قال: مات مولى للمهدي وخلف ضياعا كثيرة وأثاثا ومتاعا ولم يدع إلا ابنة واحدة، فأمر المهدي نوح بن دراج القاضي أن ينظر في أمر الميراث ليحرز له النصف، فقضى نوح أن المال كله للابنة، وسلمه إليها، فبلغ ذلك المهدي فغضب ودعا نوحا، وقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال له: قضيت بقضاء علي بن أبي طالب، فإنه قضى للابنة بالمال كله، فقيل له في ذلك، فقال: (أعطيتها النصف بفريضة الله،